الشاعر خلف دلف الحديثي
أوراقُ اليقطينِ
يجرُّني الموجُ من نهرٍ إلى نَهْرِ
فيُغرِقُ اللوحَ في تيّارِه بحري
لأنّني مُذْ عرجْتُ الأمسَ في أُفقي
إلى طريقٍ سماويِّ المدى مُغري
تهافتَ اللونَ مركوناً بقبعتي
وغُيّبَ الوحَُْ في غيبوبةِ القبرِ
يجرُّني العالمُ المخفي فألمَحُهُ
شيئاً يجيءُ إلى محرابِهِ يجري
أشيلُ كلّ كتاباتي على كتفي
وعند بابي يتيهُ الشعرَ بالشعْرِ
أطوي مَداري وظهري ما انحنى تعباً
ولا تقاصرَ عنْ حملِ الأذى صَبْري
يَمتصُّني شبقُ الطاعونِ في شَرهٍ
وَيحْفرُ العظمَ حتّى فيّ يَسْتشري
ويشهقُ الفجرُ تحتَ الماءِ في غَرقي
وعالمُ البحرِ كوْنٌ عَجّ بالضّرِّ
تُسبّحُ الرّوحُ حتى فيهِ أُدركني
علّي سأخرجُ من حوتي الى البرِّ
ألقتْ بحارُ يدي أنفاسَ كوكبها
على رداءِ الضُّحى في ضحكةِ الفَجرِ
ليخرِقَ الصمْتُ في ترتيلِ إبرتِهِ
زوارقَ الليل في تلويحِها البِكرِ
أومى إلى الرّمْلِ بَعْضي فاستفقْتُ على
صوتِ النداءِ من الرحمنِ في السّرّ
فأفرغ الطينُ مِنْ صدري قلائدَهُ
وأفرغَ الصّبحُ منْ أقداحِهِ خَمْري
فكنتُ مِمَّنْ أباحَ الرّمْلُ جُثّتَهُ
وصاحِبُ العرْشِ يدري ضَجّةَ الحَشْرِ
ألقى على جَسدي في جُرفِ شاطئِهِ
أوراقَ يقطينِهِ في ساعةِ العُسْرِ
في سرّه السرّ فيضٌ منْ ألوهتِهِ
وسيّر الحوتَ بينَ الجرْفِ والنّهْرِ
فقالَ سِيري بلا مأوى على قدرِ
وفي ركامٍ خفايا اليمِّ في الجَزْرِ
سِرْنا على الماءِ إذْ ألقى عباءَتَهُ
وقالَ للكافِ قلْ ما شئْتَ مِنْ أمْري
ليَسْجُدَ القلبُ في مِحْرابِ غَيبتِهِ
على فَضاءٍ منَ الآهاتِ في الذّكْرِ
وَتَغْرُقُ الرّوحَ في حُمّى وَساوِسَها
ليهْرُبَ الحبُّ منْ حُبّ بلا جَمْرِ
(فَحَصْحَصَ الحقُّ) في تفسيرِ ذاكرتي
لمّا أفاقَتْ على رؤيا النّدى الخَمْري
ونَحْوَ كوْنٍ غريبِ الكوْنِ غاصَ بِنا
بينَ المَجاهيلِ في مَجْهولِهِ يَسْري
فأنكرَ الماءُ ثُقباً جَسّ مركبَنا
فلامَسَ الماءَ في سيْرِ السُّرى سَيْري
في صوْتِ قدرَتِهِ صاحَتْ مُصَوّحةً
زَوارقَ الرّيحِ ما رامَ العُلا كَسري
عَدَلتُ عنّي وغاضَ الماءُ عنْ طُرُقي
فعدْتُ أُمْسِكُ في حَبلٍ مِنَ القَهْرِ
بقلم الشاعر
خلف دلف الحديثي
Commentaires
Enregistrer un commentaire