طه بن بلقاسم.
العشق لغير الله مذلة عشق في نهايته ذلّ يأخذ منك أكثر مما يعطيك يجرح مشاعرك الصادقة التي لا تعرف للخذلان طريق اكثر مما يداويها. و يطفئ شموع قلبك التى لطالما احرقت نفسها لتبعث نور أمل جديد.. قلب صبر زمنا طويل صامدا امام اغرائات النفس و هواها كصمود جلمود صخر امام ضربات امواج البحار.. صمد امام ابتسامات الاغراء و خبثها.. و تجاهل رسائل العيون و مكرها.. قلب بريء لا يكترث للكثير. يتجاهل ما ضهر من الحسن و الجمال و يغوص بين طيات القلوب.. قلب يعشق جمال الروح و لا يكترث بجمال الوجوه.. ان احب شيء احبه لنفسه الى حد الصبابة و يضحي لاجله الى حد الجنون. قلب دائما ما ينبض للحياة سعادة و يبتسم لها املا لكن للاسف لم يسلم من مفاجآتها التي عادة ما تأتينا من حيث لا ندري و من حيث لا نفهم و من حيث لا ندرك.. هي في اصلها عثرة من عثرات الحياة الصادمة عثرة أليمة لم تكن في الحسبان ...
كان كل شيء جميل كانت تجري رياحنا كما اشتهت سفينتنا رياح قطبية لطيفة معتدلة البرودة كانت سندنا في سفرنا تدفعنا بقوة في النهار لتسهل سلك طريقنا و تهدأ في الليل و تصبح ناعمة كأنها تؤنس وحدتنا تمتص وحشتنا و تذهب بأحزاننا تداعبنا و أحيانا تعصف ببعض الامواج على وجوهنا لتسلينا.. ريح غريبة الاطوار تبدو معتدلة البرودة بالرغم انها قطبية آتية من رواسي الجليد.. ارتاحت لها نفوسنا و انشرحت لها صدورنا فاسلمنا لها أمرنا و تركنا اشرعتنا ترقص أمانا مع عصفها.. اطمأنت لها قلوبنا و استرخت لها راضية مرضية، تتالت ليالٍ جميلة في وضعنا هذا و لم نرى منها الا استقرار مشاعرنا و رضاء قلوبنا تلاشت احزاننا و طارت اوهامنا و سلمنا لها امرنا عسى ان تبلغ بنا مقصدنا.. هو في الحقيقة درب حياتنا الذي نسير فيه ايام معدودات لنبلغ ساعة حشرنا.. اسلمنا أمرنا لله و فتحنا قلوبنا على امل ان لا تخذلنا و تبعدنا عن مسارنا رفعنا اشرعتنا أكثر فأكثر اشتدت سرعة رياحنا كأنها تصغي لحديث قلوبنا. تجاهلنا مقياس سرعتنا و تخاذلنا عن توفير وسائل حمايتنا ظنا منا أنها مأمورة.. صارت تجري بنا أكثر فأكثر تسارعت الامواج و تطاولت و صارت مثل الجبال لكن حدث الامر المفاجئ و الصادم هو في الحقيقة لم يحدث شيء لم تهلك سفينتنا و لم تغمرنا الامواج و لم نبتل حتى.. لكن راحت الرياح و تلاشت فجأة و تركتنا في عرض بحار الضلمات ..
لم نفهم شيء و لم ندرك شيء. هدوء مفاجئ حير قلوبنا برود تام طير عقولنا.. تخلت عنا الرياح ... هذا ما حدث جلست في حافة سفينة الزمن احدث نفسي اسألها عديد الاسألة وهي.. لماذا ؟ ماذا حدث ؟ أين نحن ؟ لما كل هذا ؟ ماذا حصل ؟؟ ا حلم هذا ام حقيقة ! من أين اتت الرياح لماذا لم تفي بوعدها ؟ ا هي رياح غدر ام استهتار ام ماذا ؟ تتالت الاسألة و نفسي تصغي في صمت يبدو انها اصابها الخرس هي الاخرى.. لكن هيهات ما رجعت لرشدها و ابتسمت لي تلك الابتسامة البريئة لكنها منكسرة و قالت..
"يا بني نحنا نعيش في دار الفناء سماها الله عز و جل 'دنيا' لانها دنيئة ليست خالدة تاخذ منك اكثر مما تعطيك تؤلمك اكثر مما تداويك. إن عشتها بريء سينكسر فيها خاطرك "
شكرا يا نفسي على رفع المعنويات.. نعم لقد فهمت كل شيء ... فهمت الدرس فهمت أن الحب شيء جميل لكن اوانه بعد الزواج فهمت أن العشق قصيدة يجب عليك تنظيمها الا للخالق القهار فهمت أن الذي بني على باطل فهو باطل مهما طال الزمن. فهمت ان الحلم لا يمكن ان يصبح حقيقة حتى و لو صار كل الايام ليالي.. فهمت أن الوهم سيضل سراب مهما رسم لك من اشياء جميلة تأكدت أن من رفض ان يضهر لك نفسه فهو لا ينوي ان يكمل معك اصلا فهمت و تيقنت أن من خذل مرة سوف يسهل عليه التخلي عن الآخرين .... تيقنت أن من اختارك بديل سوف يستبدلك ... فهمت و ادركت و تعلمت الفرق بين من يحبك و يهتم بك و من يسايرك و يتلاعب بمشاعرك و يتحملك شفقة عليك ...
تعلمت انه يجب عليك اللجوء الى من أحبك و لو عن مضض و تنسى من احببته لانه لم يكن لك منذ البداية ...
تعلمت من الدنيا انك اذا ضحيت من أجل شيء و تجاهلت الكل من أجله تأكد من انه سوف يخذلك عاجلا ام آجلا.
و من جرحك مرة سوف يطعنك مرات اخرى..
تعلمت أن لا احرق نفسي الا تضرعا لرب العالمين و أن لا أعشق سواه لانه الحق الحي القيوم العالي الذي لا يعلو عليه أحد. أنا من خذله لذا اضاقني مر فعلتي.. فقسما برب العزة الذي خلق الكون في ستة أيام لن اعشق الا سواه.
فهلمي يا سفينتنا نكمل سفرنا فنحن الرياح و نحن المحرك .. لله وكلت امري فسارضى بقضائه و مرحبا بقدره أينما أخذني..
ذل من قدم عشقه لغير الله و خاب من اتبع حماقات قلبه لانه بكل بساطة خلق ليضخ الدماء لا غير. فمرحبا بك ايها العقل الحكيم الرفيق استسمحك عذرا لطالما خذلتك ففي النهاية خُذلت.. انت رفيقي فبنا نعش دنيانا كما هي و لله في خلقه شؤون.
بقلم : طه بن بلقاسم.
في : 26 جويلية 2020
Commentaires
Enregistrer un commentaire